وبدءا من سنة 1985 تحت ضغط المقاومة، انسحب الجيش الإسرائيلي من بيروت محتلا الشريط الحدودي بجنوب لبنان لمدة 22 سنة.
وفي هذه الفترة قامت إسرائيل بإنجاز مشروع شق نفق طوله 17 كم لتحويل مياه الليطاني، ويبدأ النفق من قرية الخردلة قرب دير ميماس وينتهي إلى قرية كفركلا الحدودية. فهو لم يعد مجرد منطقة عازلة تحمي الحدود الإسرائيلية، بل هو سمح للإسرائيليين بالإبقاء وجودهم العسكري الثقيل، مصوّبة إلى قلب البقاع، وإلى جزء من جبل لبنان، وإلى الجنوب بأسره، بما في ذلك صيدا والنبطية وصور.فضلاً عن أن الطرق الحيوية الساحلية نحو بيروت والشمال ظلت مهددة بالقطع في أي وقت. وباختصار، ومقارنة بحزام سنة 1978، بات لـ"الحزام الأمني" الجديد قيمة هجومية أكبر كثيراً من قيمة سابقه بالنسبة إلى الإسرائيليين.
بدأت إسرائيل عدوانها إثر عملية أسر جنديين من جيشها يوم 12 يوليو/تموز 2006، عدواناً كانت ترى فيه حاجة لها منذ العام 2000 لستعادة قدرة الردع الإسرائيلية بعدما تآكلت منذ العام 2000، وثأراً لهزيمتها وإعادة اعتبار لجيشها. بدأت تدمير شبكة المواصلات اللبنانية من الجنوب وإليه وإقفال كل المنافذ التي تصل لبنان بالخارج (برا وبحرا وجوا) لهدف أساسي هو قطع أي نوع من الإمداد لحزب الله كهدف مباشر، والتضييق على المواطنين لحملهم على الانتفاضة ضد المقاومة كهدف غير مباشر. نتاج هذه الحرب بعد هزيمة الصهاينة توازنٍ شبه رادع متبادل، فإسرائيل قامت بردع حزب الله من مغبة استئناف نشاطه الواسع ضدّ البلدات المدنية، وحزب الله قام بردع إسرائيل من قيامها بهجومٍ شامل، يهدف إلى كسر التنظيم.
وكيفية إنهاء إسرائيل للحرب زادت من فشلها. فقرار الأمم المتحدة الرقم 1701 سجّل للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل
واليوم من بعد الإستنزاف الذي يفرضه حزب الله على العدو الإسرائيلي في جبهة الشمال والتي اعتبرتها المقاومة كجبهة مساندة، دفعت بالحكومة الإسرائيلية إلى إعادة طرح قرار 1701 الذي يقضي بإبعاد قوات المقاومة إلى ما بعد الليطاني. وترتبط فكرة الحزام الأمني التي تشترطها إسرائيل مجدادا وتطبيق القرار، بملف المستوطنين النازحين من الشمال والذين يُقدرون بعشرات الآلاف، وشكلوا عبئًا على الاقتصاد ودافعي الضرائب في إسرائيل. بالإضافة إلى أن هذه الحرب قد لغت العقيدة الأمنية للعدو الإسرائيلي، حيث أن المقاومة اللبنانية قد خرجة للقتال والتي فرضت على العدو إقامة الحزام الأمني داخل إسرائيلي, وذلك لأن أحد هذه العقيدة الأمنية هو شن الحرب داخل أراضي العدو وليس العكس كما الحال ي حرب 2023-2024
لم تكن "عملية الليطاني"، التي جرت في الجنوب اللبناني خلال الفترة من 14 إلى 21 آذار 1978، سوى منطلق الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه لبنان لتحقيق أطماع إسرائيل المتمثلة في الاستيلاء على جزء من الأراضي اللبنانية (الشريط الحدودي) وقسم من مياه الجنوب اللبناني، التي طالما طمعت إسرائيل بالاستيلاء عليها منذ نشأتها سنة 1948. وهدفها المعلن احتلال حزام عرضه عشرة كيلومترات إلى الشمال من الحدود لمنع الهجمات الفلسطينية على إسرائيل، لكن عوضاً من ذلك، استمرت القوات تتقدم حتى وصلت إلى نهر الليطاني. وبذلك بلغ عمق التقدم الإسرائيلي في أراضي الجنوب اللبناني نحو 20 كلم، ثم الميليشيا التابعة لها بقيادة سعد حداد. و الضباط الإسرائيليين كانوا حاضرين حضوراً دائماً. النتائج الجغراسياسية لعملية الليطاني، امتناع إسرائيل من تطبيق القرار الدولي رقم 425 - الصادر وفقاً للباب السادس من ميثاق الأمم المتحدة الذي يقضي بحل المنازعات حلاً سلمياً - عن احتلال إسرائيل نحو 1100 كيلومتر مربع من أرض الجنوب اللبناني، أي 10 في المئة من مساحة لبنان.